عمرو بن العاص | من رحلة الحبشة إلى فتح مصر

قصة الداهية عمرو بن العاص رضي الله عنه، بداية من رحلته للحبشة كي يقنع ملكها بتسليمه المسلمين لديه، ثم إسلامه وقيادته جيش المسلمين الذي فتح فلسطين ومصر

عمرو بن العاص | من رحلة الحبشة إلى فتح مصر

 

عمرو بن العاص

كتب - محمد جمال الدين

عمرو الداهية ورحلة الحبشة

عمرو بن العاص السهمي القرشي من بني سهم؛ وُلد في مكة عام خمسمائة وثمانون ميلادية، ويعتبر داهية من دواهي قريش والعرب، وأكثرهم ذكاء ودهاء؛ حتى أن خليفة المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه لقبه بأرطبون العرب؛ وسوف أوضح لماذا لَقَّبه بهذا اللقب فيما بعد...

أرسلت قريش عمرو بن العاص ليذهب إلى النجاشي ملك الحبشة وقتها بسبب صداقته له، وبسبب ذكائه الشديد الذي ربما يساعده كي يُقنع النجاشي بتسليم المسلمين المهاجرين إلى الحبشة.... ولكنه لم ينجح.

كان والده العاص بن وائل سيدا من سادات قريش، وواحدا ممَّن عادوا رسول الله في بداية الدعوة.. اشتغل عمرو في بداية حياته بالتجارة، ونشأ في بيئة جعلت منه ساسيا مُحَنَّكا وقائدا لايُستهان به؛ حيث أنه كان من ضمن الجيش الذي قاتل المسلمين في غزوتي أُحُد والأحزاب.

إسلامه مع سيف الله

أسلم عمرو بن العاص هو وخالد بن الوليد رضى الله عنهما في العام الثامن لهجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت أول مهمة أُسنِدت إليه هي سريّة ذات السلاسل؛ حينما أرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم على رأس ثلاثمائة مقاتل؛ ليقضوا على جمع لقبيلة تسمى (قضاعة) أرادت مهاجمة المدينة المنورة، وقد أبلى عمرو في هذه الغزوة بلاء حسنا، وانتصر على (قضاعة).

لماذا يُعد الرسول مُحمد صلى الله عليه وسلم أعظم الشخصيات تأثيرا في التاريخ؟

فتح الشام

شهد عمرو بن العاص أيضا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوات؛ منها غزوة حنين، وحصار الطائف، وفتح مكة.

بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتولية أبو بكر رضى الله عنه خلافة المسلمين؛ ولّاه أبو بكر على رأس جيش من الجيوش الأربعة المتجهة لبلاد الشام، وشارك في معركة اليرموك مع بقية الجيوش التي تجمعت في بلاد الشام مع الجيش القادم من العراق تحت قيادة خالد بن الوليد رضى الله عنه، والذي اقترح أن تتوحد الجيوش، على أن يقوم كل قائد لجيش من قيادة الجيش يوم من أيام المعركة...

وبالفعل؛ تم النصر للمسلمين، وتمكنت جيوشهم من هزيمة جيوش الروم بقيادة عمرو بن العاص وخالد بن الوليد وأبو عبيدة بن الجراح رضى الله عنهم جميعا.

بعد ذلك توجهه عمرو بن العاص تجاه فلسطين؛ فأكرمه الله بفتح مدنها؛ ومنها غزة ونابلس وعمواس ويافا ورفح..

فتح مصر

في أثناء ولاية عمر بن الخطاب رضى الله عنه خلافة المسلمين، وأثناء فتح بيت المقدس؛ طلب منه عمرو بن العاص فتح مصر؛ لكي يؤمن حدود الشام من هجوم الرومان في مصر وقتها...

وافق الخليفة على طلبه، وولاه على جيش من المسلمين لفتح مصر في سنة تسعه عشر هجرية.

توجهه عمرو بن العاص إلى مصر قادما من فلسطين، ومجتازا سيناء والعريش، ثم إلى حصن بابليون الذي يعتبر من أقوى حصون الرومان وقتها، واستمر في محاصرته حتى سقط في أيدي المسلمين.. وما أن سقط بابليون، حتى سقطت باقي الحصون.

أتم الله على المسلمين فتح مصر بسقوط الإسكندرية في سنة واحد وعشرون هجرية، وانتهت بتوقيع معاهدة مع الرومان وإخراجهم من مصر؛ ثُم بداية العصر الإسلامي فيها.

توفى عمرو بن العاص سنة ثلاث وأربعون من الهجرة في مصر؛ عن عمر يناهز ثمانية وثمانون عام، ودُفن بالقرب من المقطم.

 

أرطبون العرب

في وقت ولاية الخليفة عمر بن الخطاب حدثت معركة أجنادين بين المسلمين والروم، وكان قائد الروم اسمه أرطبون وهو من دواهي الروم وأعتاهم وأكثرهم مكرا.. قام أرطبون في هذه المعركة بتوزيع جيشه بطريقة جعلت المسلمون لايعلمون كيف يحاربوهم، وكان قائد المسلمين وقتها عمرو بن العاص وشرحبيل بن حسنة رضى الله عنهما..

ظل عمرو يفكر كثيرا؛ كيف يبدأ في قتال الروم؟!

حتى أتته فكرة يدخل بها قصر الأرطبون، ثُمّ أقنعه أنه مبعوث من قائد جيوش المسلمين، واستطاع خداعه، ومعرفة نقاط ضعف جيش الروم... وبعد معركة حامية الوطيس استطاع عمرو وشرحبيل هزيمة أرطبون..

بلغ عدد قتلى الروم في هذه المعركة حوالي ثمانين ألف مقاتل.

حينها قال عمر بن الخطاب:

رمينا أرطبون الروم بأرطبون العرب

 اقرأ عن الشخصيات المائة الأعظم أثرا في التاريخ