بما أن العالم قديما كان قايم على الرعي والزراعة قبل اكتشاف المعادن، تم اتفاق علي اتخاذ الأغنام كعملة مبادلة، والطريف هنا إن كلمة نقد أصلها نقدي، وهو أحد أنواع الأغنام ذات الأرجل القصيرة.
الطريق الي عملة عالمية موحدة | رؤى (مولانا العارف) بقلم (محمود فوزي)
بداية النقود في العالم
قبل بداية النقود عالميا كان أسلوب التعامل بالمقايضة (سلعة أو خدمة مقابل
سلعة أو خدمة).
ومن هنا جت الألشة السخيفة بتاعة "إنت حالق برغيف وبيضيتين".
بعد كدة حصلت المشكلة، إن شخص لا يملك سلعة أو خدمة ومحتاج سلعة، فبدأ
التفكير والاتفاق على شيء له قيمة يتم تحويله لعملة..
وبما أن العالم قديما كان قايم على الرعي والزراعة قبل اكتشاف المعادن، تم
اتفاق علي اتخاذ الأغنام كعملة مبادلة، والطريف هنا إن كلمة نقد أصلها نقدي، وهو أحد
أنواع الأغنام ذات الأرجل القصيرة.
المهم، اكتشف الإنسان المعادن، وبدأ في صك العملة من النحاس وبعدين الفضة،
لحد ما وصل للذهب، فصك الذهب كعملة وبدأ التعامل به.
كثر الذهب في أيدي التجار والأمراء، فبدأت الحاجة لتخزينه..
من هنا جت فكرة بيوت المال.
الصكوك وبيوت الأموال
بدأ الناس يحفظوا الذهب في مكان آمن مقابل صك - ورقة بقيمة الذهب - ووقت ما يحبوا يستردوه،
يسلّموا الورقة أو جزء منها للقائمين على المكان الآمن دة، وياخدوا ذهبهم أو جزء
منه..
طبعا مكنش فيه مشاريع عملاقة زي دلوقتي، ولا بنية تحتية.
المهم بدأت النقود والسبائك الذهبية تتكدس في بيوت المال - طبعا مش محتاجة نقول مين
هم أصحاب بيوت المال.. معروفة يعني.
يسكت بقي البني آدم ويرضى بقليله،
أو يرضى بالمكسب اللي كان بياخده نتيجة حفظ الأموال دي؟؟
لا طبعا يسكت إزاي وهو عنده حلم
عاوز يحققه نتيجة شعوره بالاضطهاد العالمي له، وإنه ملوش دولة ولا شعب ولا أرض، ومحكوم
عليه بالشتات.
يقوم بقي يعمل إيه؟!
بداية البنوك وإصدار العملات الورقية
صاحبنا بيقولك ما الناس مبتستردش ذهبها مرة واحدة طب ما أنا أستفيد بيه،
وهوب هوب هوب بقى يسلّف الذهب ده للي محتاجينه مقابل فايدة، سمّيها فايدة..
ومن هنا أصبح بيكسب من الهوا؛ فلوس من المودعين، وفلوس من المستلفين، وبقى
غني، والبلية لعبت معاه.
كنا غمزنا ولمزنا باسم أصحاب بيوت المال؛ مين هم؟!
وقولنا من شوية سميها فايدة....
لكن طبعا هنضطر نقول مين هم أصحاب بيوت المال، ومعنى فايدة الحقيقي إيه!!
الشرائع السماوية كلها بتحرم الربا، لكن في شريعة اليهود(المتحرفة طبعا)
يجوز إقراض غير اليهودي بالربا، أما المسيحية والإسلام فلا يجوز العمل بالربا نهائيا حتي للأغيار.
لذلك، امتلك اليهود بيوت المال، وطبعا خلاص عرفنا إن الفايدة اسمها ربا.
ولكم في قصة تاجر البندقية "شيلوك" المثل.
بعد كدة،
بدأت فكرة إنشاء البنك باسمه ووظيفته الحالية، ومن ثَمَّ إصدار ورقة ضمان
بقيمة الذهب اللي فيه، وتم التقسيم..
نقول مثال:
قطعة ذهب واحدة تساوي صك أو ورقة فئة واحد (1)، وهكذا.. الورقة دي اتسمّت
بنك \ نوت، ومنها كلمة البنكنوت.
من هنا بدأت العملة في الصدور، وطبعا من أول يوم العملة دي لا تمثل القيمة
الحقيقة للغطاء الذهبي اللي في البنك.. وطالما دخلت اللعبة يبقى لازم تكمل لحد الآخر،
ومن هنا بدأت السيطرة على فلوس الناس والتحكم فيهم.
إزاي سيطر أصحاب المصارف (البنوك) على ذهب العالم؟!
خلاص عرفنا العملة والبنك جُم منين، نخش بقى على المرحلة اللي بعدها..
إحنا كل دة بنتكلم عن ذهب مملوك لأفراد، وبنوك على قدها بتسيطر على أشخاص..
طب عاوزين نوسع القاعدة، ونسيطر على دول بقى وشعوب، وزيط يا دود وزيّطني معاك.
البنوك بدأت اللعبة الكبيرة، بإنها تموّل الدول - طبعا مكنش فيه حكومات زمان،
كان ملك بس - فبدأت تمويل الملك فيما يحقق له أغراضه الملكية في التوسع، وإقامة
دولته العظيمة، وتحقيق أحلامه الإمبراطورية.
أشهر مثل في التاريخ كان "نابليون بونابارت"، ودة يُعتبر أكبر –
لا مؤاخذة - حمار تم ركوبه..
بدأت البنوك في تمويل حروب نابليون (الحروب النابليونية) زي ما هتشوف في الرابط
دة
عم نابليون خلاص دخل الحرب، وبعد كل حرب، حرب..
مع كل حرب بيخوضها صاحبنا بيكون عاوز فلوس.. هوب.. خش البنك إديلُه فلوس..
هوب ديونه كترت.. هوب إدينا دهب من اللي سرقته وانت بتنهب الدول اللي دخلتها...
من هنا بدأ السيطرة علي ذهب أوروبا.
خُش على ذهب آسيا، ودة بقى عن طريق بريطانيا.. هوب تمويل حملات بريطانيا على
الهند.
احتلال الهند وإقامة شركة الهند الشرقية - وما أدراك ما شركة الهند الشرقية
- ودورها في تصدير الأفيون للصين مقابل الذهب بتاعها، ولما حصلت ثورات الأفيون الأولى والتانية تدخلت
بريطانيا عسكريا في الصين...
من هنا تم
الاستيلاء على ذهب الصين، ومن وراه ذهب آسيا..
فاضل إفريقيا وذهبها، وطبعا مش محتاجة نضرب أمثلة باللي حصل زمان، لأنه لحد
اللحظة بيحصل، وأبسط مثال هو اللي بيحصل في مالي لحد اللحظة.
خلاص استولينا على ذهب الأفراد ومن بعده ذهب الدول؟!
ندخل بقى المرحلة الجديدة، وهي اعتماد الذهب كغطاء لإصدار العملة.
الذهب كغطاء نقدي
العنوان اللي فوق معناه إنك كدولة متقدرش تطبع جنيه أو ليرة أو دولار أو
روبية أو ريال واحد من غير ما يكون متغطي بذهب في البنك المركزي بتاعك.
الموضوع دة تم إقراره في مؤتمر باريس سنة 1867م اللي فيه اعتُمد الذهب كغطاء
لإصدار العملة بشكل رسمي وعلى نطاق عالمي.
جميل، طب كدة الدول محتاجة تصدر عملة ومعندهاش ذهب كفاية.. تعمل إيه؟
بالظبط.. تروح تقترض ذهب من بيوت المال الكبيرة، اللي هي البنوك المسيطرة
على الذهب العالمي، وطبعا هتقترض الذهب بفايدة..
من هنا عرفنا عن أول نواة للسيطرة على البنوك المركزية في الدول..
طب في مؤتمر باريس فيه دول وافقت ودول لا..
مش مشكلة، اللي موافقش بمزاجه هيوافق غصب عنه، و طبعا اللي وافقوا هم القوى
الكبرى، ومن هنا تم إطلاق أيديهم لاستعمار الدول الأخرى وإخضاعها لسيطرة بنوك الذهب...
(افتكر الجملة دي علشان هتشوفها كمان شوية، واتقل تاخد حاجة نضيفة).
وقد كان ماسبق، الدول سمعت الكلام
وتم عقد مؤتمر جنوة 1922م، و خد بالك.. دة
كان بعد الحرب العالمية الأولى..
إيه دة؟! يعني علشان أسيطر علي الذهب أروح أعمل حروب ؟!!!
آه عادي... (وبردو افتكر الجملة دي علشان راجعين لها تاني).
وقّعت على الاتفاق دول اكتر..
طب إيه.. خلصت الحدوتة على كده؟
لا طبعا، المشوار طويل والرجالة عاوزة سيطرة أكبر..
نقوم رايحين أمريكا ونسيطر علي الذهب بتاعها ازاي؟!!
يُصدر روزفلت قانون سنة 1933م، يُلزم الأمريكان بتسليم الذهب اللي معاهم
للبنك الفيدرالي اللي اتعمل سنة 1913م (ودة بنك خاص ركز معايا في خاص دي)، بقيمة
20 دولار للأونصة، ويبدل الذهب اللي في إيد الناس بشوية ورق، بعدها يرتفع سعر
الدهب و يبقي ب 35 دولار للأونصة، ويقل الدولار اللي في أيديهم بقيمة النصف...
يللا بالشفا ما علينا..
هوب هوب هوب.. تقوم الحرب العالمية
التانية، وبعدها ييجي مؤتمر بريتون وودز سنة 1944م، ويقرر العالم جعل الدولار سيد
العملات...
بعدين تبتدي الدول كلها تسلم أمريكا الذهب بتاعها، علشان أمريكا تطبع دولارات
متغطية بالذهب.. بكدة يبقى نقلنا الذهب اللي جمعناه على مدار سنين من البشر والدول،
و نسلمه لأمريكا.. ليه أمريكا تحديدا؟!!!
هقولك بعدين، ولا أقولك؟؟
انت هتعرف لوحدك.
خلاص بقى.. الدولار هو العملة العالمية دلوقتي أهو، ومتغطي بالذهب..
فرنسا عاوزة دولارات؟!
تروح تسلّم أمريكا ما يعادلها ذهب، وكذلك دول العالم..
هوووب.. تدخل أمريكا حرب كدة غريبة قوي، اسمها حرب فيتنام، فأصبحت محتاجة
دولارات تموّل الحرب!!
تطبع؟
لا طبعا، مفيش ذهب كفاية..
فتروح مغفّلة العالم كله، وتطبع دولارات كتيرة تصرف منها على الحرب بقي، ولما
العالم يبتدي يشم خبر، يقوم النجم "نيكسون" يعمل رقصة الوداع، ويقرر فصل
الدولار عن الذهب، فيطبع دولارات بدون غطاء ذهبي فيما يسمى ب"صدمة نيكسون".
خلاص كدة، الذهب اتحرر من قيود الدولار، وهيرجع النجم تاني والدولار هيبقي
بالكيلو؟!
انت غلبان قوي.. فيه رجالة تاكل الزلط ورا الدولار يا عم انت..
أولهم الملك "فيصل" لما هووب راح موقّع اتفاقية البترودولار سنة
1974م، وربط البترول بالدولار، وقال مفيش لتر بترول فيكي يا منطقة يتباع من غير الأخضر..
المهم الله يرحمه "فيصل" كان فاكر إن كدة هيراضي أمريكا بعد حركة
قطع البترول عنها في حرب 73..
بس الحركة ردت في صدره قتلته زي سماح الله يرحمها، وجه ابن أخوه اللي قالوا
عليه مجنون من أمريكا قبلها ب 3 أيام وقتله..
دة علشان متتكررش تاني، وتبقي درس لأي حد يفكر فيما بعد يلعب معاهم..
بعد كدة في 1976م حصل مؤتمر جامايكا - مش بتاع الخالة نوسة.. لا لا.. دة
التاني - ويقرروا فيه إن الذهب يبقى سلعة للعرض والطلب، وزي ما السوق يقول سعره..
ويسود الدولار العالم مرة أخرى، لكن بغطاء البترول.. وابقوا اعملوا الذهب
غوايش وشبكة.
السيطرة
و هنا ترجع البنوك المركزية تاني تحت سيطرة الدولار، زي ما كانت زمان تحت
سيطرة الذهب، واللي كان يملك الذهب كان يملك التحكم فيها.. دلوقتي اتسلمت الراية
للي يملك الدولار..
وطبعا هتقول هنا أمريكا!!
يا عم أساسا ماكينة طبع الدولار مش مع أمريكا، دي مع البنك الفيدرالي، اللي
هو ملكية خالصة خاصة لمجموعة أفراد..
ايه ده؟!
يعني كدة البنوك المركزية في العالم كله تحت إيد مجموعة أفراد مش دولة؟
آه والله يا عمنا زيمبؤلك كدة.. حاول بقى تعرف مين مُلّاك بنك الاحتياطي
الفيدرالي الأمريكي وانت تعرف مين بيحكم الاقتصاد والسياسة النقدية لبلدك..
في بريتون وودز تم تأسيس البنك الدولي (شيطان الافلاس)، وبدأ السيطرة على
اقتصاد العالم بطريقتين:
الأولى هي أمريكا وإقراضها للدول، وبعدين إرسال شركاتها تلم اللي تم إقراضه في
صورة مشروعات.
والتانية هي البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وإقراضهم للدول وإفقارها، والسيطرة
على سياساتها الاقتصادية، ومن ثَمَّ شعوبها..
ومش محتاجين نقول مين أكبر مساهمين في البنك والصندوق يا محمد..
وبكدة يبقى حطينا العالم في جيبنا الصغير، وطبعا من يملك الاقتصاد والمال،
يملك الحكام التي تملك الشعوب وتسيرها بحسب رغبة مالك المال..
كدة فاضل آخر خطوة، وهي إصدار عملة عالمية واحدة، وأظن بالتسلسل دة وقتها قريب
جدا..
ما احنا خلينا الذهب سيد، وهو سيد فعلا لأنه معدن وله قيمة، بس كان بيكلفنا
كتير قوي؛ تنقيب وتوضيب وسبك ونقل، فتعبنا بقى..
بعدين روحنا بدلناه بالدولار، اللي هو حبر على ورق لا أكتر ولا أقل، بس
بردو مربوط بالبترول، وحاجة براميل وسفن ونيلة..
وبعدين روحنا مجمعينه وحاطينه في ورق أقل، وسميناها سندات وقروض، وحطينا
فلوس العالم كله فيها.. فمش فاضل غير إننا نقول خلاص... إحنا ملكنا فلوس الأرض، ومحتاجين
نصدر عملة بتاعتنا موحدة.. العالم كله يستخدمها..
هذه الرؤى تعبر عن كاتبها
COMMENTS