المَشهد الجنسي يتم دسه داخل مشهد آخر مُهم، بالإضافة لكَون البناء النفسي للشخصيات يقوم حول فكرة الصراع.
ديفلكس | كلميني.. إيه الكلام - سلسلة يكتبها (محمد جابر)
مسلسلات نتفلكس |
طَبعي في العادي إنّي مُـقِل جـدًا في مُشاهدة السينما والـدراما خاصةً الحـديثة، اهتمامي في الأصل ينصَب حـول الإبداع الأدبي في العصور القديمة. كانت المواهب الأدبيّة والفنيّة أكبر، حاليًا الامتياز الـوحيد قد يكون في تطوُّر وسائل الإخراج والمُعالجات الدراميّة.
السينما هي أفضل تعبير عن توجُّه الإنسان العام والأفكـار المُجتمعيّة
عامةً، لكن شبكة نتفليكس تكفُل للعوام البقاء على اتصال شبه دائم بالتحديثات فيما
يخُص الأفلام والمُسلسلات؛ وجموع الشباب في مرحلة العشرينيات في مُتابعة شبه دائمة
لكل ما هو جَديد.
الأعمال التي لاقت قبول مؤخرًا من واقع مُشاهدتي العابرة بها شيء خطير
جدا، وهو تَـمرير المَشاهد الإباحيّة في سياق درامي مُهم، وخلق حالة تعاطُف بين
البطَل والمُشاهد لتجريد البطَل من أي قيمَة أخلاقية.. بالتالي استسـاغة سلوكياته
المُنحرفة أيًا مـا كانت.
وبما إن الذوق مُختلِف، فلا بُد من خَـلق أكثَر من بطَل للعمَل،
بهـدَف توسيع الخيارات أمام المُشاهدين وخلق مساحة أكبَر للاختيار ما بين الشخصيات.
في وسَط مجموعة من أبطال العمَل، غير منطقي إن جميعهم يمتلِك ميولًا
جنسيّة، وإن الحوار الدائر بينهم في مُعظَم الحَـلقات سواءًا كانَ مزاحًا أو حـتّى
حديثًا جديًا، فإنه يتبلور حول الجنس.
على فَـرض اهتمام المُشاهد بالفَحوى والحَبكة الدراميّة، وزهده في
المشاهد الخارِجة، لن يستطيع منع نفسه من تمرير اللقطات لأسباب كثيرة.
المَشهد الجنسي يتم دسه داخل مشهد آخر مُهم، بالإضافة لكَون البناء
النفسي للشخصيات يقوم حول فكرة الصراع.
يبذل المُخرِج مجهودًا مُضنيًا لجَعل البطلة قويّة وشَرسة ولا تأبه
لأحَـد، تقهر كُل الرجال، وهنا يتسلل أحدهم لحياتها رويدًا رويدًا.. أمّا هي فتُقابل انسياقه باستعلاء يستفِز ذكورتك، أو يستدعي تعاطُف
أنوثتك، فيبدأ الجَـميع ترقُّب مشهد سقوطها في قبضته جنسيًا...
كيف ستبدو حينما تنتقِل لحيز المفعول به والمفعول فيه والمفعول بداخله؟!
كيف ستسقُط المُحققة المُطلّقة القويّة التي تُطارد اللصوص وترتدي
ملابس ذكوريّة دومًا في قبضة العقل المُدبر للسَرقة؟!
فضول مبني على الشَهوة يكفي للاستكمال والتنقيب داخل باقي الحلقات..
كيفَ تبدو معالم أنوثتها أصـلًا؟!
كيف ينقلِب الحَق للباطل؟!
من يحسم صراع الدوافع؟
الولاء للعمَل والوطن أم صرخات الجَـسَد؟
فضول قوي لكنه بالطَبع ليسَ الوحيد، لكن كم من رجُلٍ راشِد ولاؤه
للحبكة والقصّة والمؤثرات وفلسفة الحوار؟!
الاستهداف الأكبر لفئة الطُلاب.. حجَر الزاوية الأخطَر.
اخلِق لهُم مُجتمعًا يشكو ويتذمّر من حياته المُرفهة، مُجتمع به كُل
الثقافات والـديانات، حافل بالاختلاط، مع بناء شخصيات فيها الهاديء والصاخب
والضحيّة والذي يشكو انشغال أهله، ولا بأسَ أيضًا من دَس أُسرة مُسلمة يعيش ابنها
في قيودٍ خانقة، أو هكذا تبدو لك..
الجميع يقع في غراميات، لدرجة إنّ المثلية والشذوذ بتظهر حاجة عاديّة،
دة لأنها تصدُر منَ البطَل الذي تؤمِن به وتتعاطَف معه للحَد الذي يجعلك تغُض
الطَرف عن كونه شاذًا.
مُشكلة أكبَر في كون كَثرة تداول الخطأ يجعله عاديًا، يعني تجِد مثلًا
فتاة تُجاهِر بإعجابها بمُمثلة دوامت على مدار مواسِم عدّة فتح ساقيها أمام أي شيء
مُدبب يستطيع الاختراق.. لم تؤدِّ رسالة إلا هذا، لكنها كانت
ضعيفة وواهنة بما يستدعي بعض التعاطُف والنظَر بعين الضحيّة التي تحمل في طياتها
بعض الفكاهة.
الدراما الإسبانيّة، وغيرها من أعمال نتفلكس مؤخرًا أعمال جيدة لكنها
ليسَت تيمة، مُسلسلات Light تُضحِكك وتُتثير تشويقك لكنها في دُنيا المـاورائيات تحمل رسائلًا
سامة يهوي في شباكها أجيال أقل في الوعي والخبرة.
يصل الأمر أحيانًا لكونه عمَل إباحـي قائم على سياق درامي مؤثر يكفي
لتَرك أثر في النَفس.
العلاقات العاطفيّة لها قُدسية عظيمة تتعاظَم أكثَر مع إشباع الجانب
الجسدي الذي نشكو الإفراط في تواجده ولا نبخس حقه فسيولوچيًا ولا بيولوچيًا.
وعلى صعيد آخَر فمهما كانت المُجتمعات الأوروبيّة تدعي على نفسها
التطـور، فعدم وجود نظام لترسيم المُجتمع أخلاقيًا يجعَل التقدّم وحده لا يكفي للارتقاء
بالمُجتمعات سلوكيًا، وعدم وجود وازع ديني ولو طفيف حوّل البشر لمجموعة فوضويين
كحيوانات الغابة.
طبعًا مع الأخذ في العِلم إن أزمة كورونا غيّرت النظرة العامة لدول
أوروبا الأرستقراطيّة، وأثبتت _ الأزمة _ أنّها حكومات عاديّة جدًا لا يمكنها حتّى
الرهان على وعي شعوبها ولا حتى رموزها الوطنيّة التي تعيش في ظلام الرأسماليّة
القذرة.
هذه السلسة كلمات وأفكار تعبر عن كاتبها
COMMENTS