قبلَ حلول السابعة مساءًا جلستُ على المَقهي قليلًا قبلَ أن تحِلَ ساعةُ الإخلاء فتُعلن انتقالي إلى مصافِ المُشرَّدين في يومٍ كانَ مُزدحمًا جعلته الكورونا فصلًا في رواية عالم الأشباح!
قهوة 7 مساء | كلميني.. إيه الكلام - سلسلة يكتبها (محمد جابر)
مندوب |
كانَ يسيرُ عـلى مَهلٍ، يرتدي زيًا رسميًا، بدلةً سوداءَ مع رابطة
عُنق مُحكَمة، وحَقيبةً جـلديّةً بيده، يطوفُ بين العمارات حيثُ تتراص عيادات
الأطباء.
تابعته للحظاتٍ بصَـمت، مُطأطأ الرأس، ينظُر بالأرض ويسيرُ غيرَ
مُـبالٍ بما يدورُ حـوله.
قبلَ حلول السابعة مساءًا جلستُ على المَقهي قليلًا قبلَ أن تحِلَ
ساعةُ الإخلاء فتُعلن انتقالي إلى مصافِ المُشرَّدين في يومٍ كانَ مُزدحمًا جعلته
الكورونا فصلًا في رواية عالم الأشباح!
أتي المُهندم اصطناعًا، فكّ رابطة العُنق وكأنما يفُكُّ بها أصفاده،
ألقى حقيبته وجهاز Tablet على المِنضَدة، بدأ النَقر عليه وكأنما يقضي بَعض المُكاتبات
والمُراسلات. نبيلٌ تحدّي الڤيروس ونزل لأداءِ عمله، أم مُجبرٌ ممَن يعيشون في
مُطاردات الرؤساء والمُدراء لعدَم انقطاعِ العَيش! كانَ مندوبًا بشركةِ دواء
للأسف، حكى معي قليلًا، وقليله كانَ كثيرًا في المَضمون وموجِعًا في المَكنون،
المُدير قالَ له أنه لا يعبأ بالمَرَض لا يعنيه إلا تحقيق الـ Target خاصةً أنّه يعمل على مُنتَج
دوائي مُضاد لنزلات البرد !
تعجّبت من التصارُع البهيمي على الحَـياة من قِـبَل بعض المُغفلين، من
عدَم الاكتراث بحياةِ الناس بسبب المادّة، من بؤس الحال الذي يجعلك تطوف على طبيبٍ
لاقناعه بتسويق مُنتجٍ دوائيٍ ما في وقتٍ لا يُفضّل فيه الخروج لأي تجمُّع حتّى
داخل الحرم المكّي.
واسيته قدرَ استطاعتي، وتعهدت له ألا أذكُر الشركة حتى لا يؤذَى أو
ينقطِع عمله.
أشارت الساعة للسابعة والنصف، هممنا للرحيل، سيُغلق المقهى ونعودُ
لأدراجنا، مازحته فتبسّم وانصرفَ وانصرفتُ وليتنا ما تلاقينا !
هذه السلسة كلمات وأفكار تعبر عن كاتبها
COMMENTS