الفكرة التي قامت عليها قصة مسلسل "WESTWORLD"، هي رغبة الكثير من البشر في الهروب من واقعهم، والحياة في عوالم وهمية لامسئوليات فيها أو حساب أو ارتباطات تُثقل كواهلهم.. هذه العوالم تصنعها القراءة عادة. لكن هنا في "WESTWORLD"، أنت تعيش في عالم آخر بنفسك، عالم خارج إطار عالمك الحقيقي.
مع اقتراب عرض الجزء الثالث من مسلسل العالم الغربي "WESTWORLD" | عندما يكون الوعي مسئولا عن زرع الشك في الواقع والحياة
westworld |
Game of Thrones
Game of
Thrones
أو لعبة العروش.....
بداية التدوينة وكلمة السر لشبكة HBO كي تضع
مشروع جديد يخطف الاهتمام لسنين أخرى قادمة.
ف"لعبة العروش" ليس مجرد عمل فني
اعتيادي كالكثير من الأعمال، هذا العمل الذي وضع المتحكمين في الشبكة أمام مُعضلة
كبيرة، كي يستمروا على طريق النُضج الذي سمح لهم بعرض أعمال فنية تعكس إبداع
صانعيها، فتخطف ألباب مشاهديها ومتابعة النُقَّاد ورضاهم لسنوات طوال.
وبعيدا عن نهاية مسلسل "لعبة
العروش" الصادمة لأغلب المتابعين والتي ذكّرتنا بنهاية المسلسل الأيقوني
"Lost"
والتي لم تكن مُرضية لنا أيضا..
ف"لعبة العروش" لم يكن يتميز فقط بالقصة
الملحمية، والشخصيات التي تعكس عُمقا قصده كاتبها، والتمثيل المُميّز في كثير من
الأحيان.. لقد تميز المسلسل أيضا بمزيتين اثنتين ضمنتا له تحقيق الانتشار الواسع
في العالم :
الأولى
هي التحوُّل القصصي الغير مُتوقَّع "Twist"، والذي ظل
يتكرّر طوال أحداث المسلسل بشكل رائع (نستثني هنا الجزئين السابع والثامن)، فكم
تعدّدت الشخصيات التي تبني عليها توقعاتك في استمرار أحداث الملحمة القصصية، ثُم
تفاجأ بموتها فجأة، أو تذهب هذه الشخصيات في مسار آخر، فيتحوّل التركيز لشخصيات
أُخرى ليبدأ بناء قصصي جديد.. هذه التحولات لاقت استحسانا من مشاهدي ومتابعي
المسلسل على مدار رحلته التي استغرقت مايقرب من تسع سنوات، وقد ضمنت له مزيد من
الانتشار والنجاح.
فالبطل أو ممثل الخير في "لعبة
العروش" لا ينتصر في النهاية، والشر له اليد العليا في أغلب الأوقات.. هذه
الفكرة تغلّبت على الأفكار القديمة السائدة والتي ملَّها الناس، الأفكار القائمة
على مفهوم انتصار الخير دوما، والتي تُتوّج بوقوف البطل شامخا في نهاية العمل
الدرامي، حَوْله كل الأشرار صرعى.
westworld |
الثانية
هي كثرة النظريات والتحليلات حول
مسار الأحداث من قِبَل متابعي المسلسل، والتي ظلّت مهيمنة على فضاء الإنترنت طوال
سنوات عرضه.. مناقشات تناولت الأحداث المُستقبليّة فيه، وقارنت بين الرواية
الأصلية "The Song Of Ice and Fire" وبين السيناريو.. هذه
النقاشات أفرزت لنا مُدوّنات ومواقع وقنوات وصفحات شغلها الشاغل هو الحديث عن عالم
الجليد والنار.. عالم "Game of Thrones".
WESTWORLD
هذه المُقدِّمة مهمة كي نعرف لماذا قررت شبكة
"HBO" قبل نهاية مسلسل "لعبة
العروش" العمل على مشروع فني آخر، يرث مكانه من الاهتمام والشغف والانتشار
والنجاح.
الفكرة التي قامت عليها قصة مسلسل "WESTWORLD"، هي رغبة
الكثير من البشر في الهروب من واقعهم، والحياة في عوالم وهمية لامسئوليات فيها أو
حساب أو ارتباطات تُثقل كواهلهم.. هذه العوالم تصنعها القراءة عادة.
لكن هنا في "WESTWORLD"، أنت
تعيش في عالم آخر بنفسك، عالم خارج إطار عالمك الحقيقي.
"WESTWORLD" هو منتزه
ترفيهي يأخذ شكل العالم الغربي القديم، هذا المنتزه يعيش فيه شخصيات آلية "Robots"
يُسمَّون بالمستضيفين "Hosts"، والذين يتم برمجتهم
لتأدية أدوار محددة، وبشكل متكرر.
الهدف من وجود هذا المنتزه هو أن يعيش الضيوف
"Guests"
تجارب جديدة ومختلفة عن واقعهم الحياتي.. هذه التجربة يستطيعون من خلالها أن
يفعلوا كل ما لا يستطيعون فعله في العالم الحقيقي، سواء كانت هذه الأفعال أخلاقية
فيُرضون طموحاتهم وغرورهم، أو غير أخلاقية فلا يُحاسبون على فعلها.
قصة "WESTWORLD" ليست
جديدة وتم طرحها أكثر من مرة، كما أنها غير مُعقَّدة، ومليئة بالإبداع الذي ترجمه
أداء "أنتوني هوبكينز" و"جيفري رايت" و"إيفان ريتشل وود"
و"إيد هاريس".
westworld |
أزمنة
طرح القصة في المسلسل بهذا الشكل جعل اهتمام
المشاهدين به كبير، فضمن النجاح.
صناع المُسلسل اعتمدوا في كتابته على السرد
خلال 3 فترات زمنية..
الفترة الزمنية الأولى
منذ 35 عاما عندما
أكمل "أرنولد" و"فورد" فكرة بناء المنتزه، لكن
"أرنولد" كان ضد افتتاحه لأنه كان يتوقّع تمردا محتملا من الروبوتات،
بينما عارضه "فورد" لإيمانه بقدرة البشر على السيطرة.
حاول "أرنولد" أن يزرع الوعي
الكامل في أول روبوت تم صنعه: "دولوريس"، حتى يُقنع "فورد" أن
ذلك سيكون خطرا على البشرية، فيتوقف فورد عن إتمام المشروع..لكن
"أرنولد" فشل وانتهى به المطاف مقتولا – بإرادته – على يد
"دولوريس" نفسها، والتي وصلت للوعي الكامل بسبب "أرنولد"
نفسه، وخالفت ماتم برمجتها عليه، فبرنامجها لا يتضمن قتل البشر.
قتلت "دولوريس"
"أرنولد"، وقتلت باقي الروبوتات، ثم قتلت نفسها.. في رسالة
ل"فورد" أنه لا سبيل للسيطرة على الروبوتات لو وصلت للوعي الكامل.
لم يوقف "فورد" المشروع، بل أعاد
بناء "دولوريس" وباقي الروبوتات من جديد، بل صنع أيضا روبوت به شخصية
صديقه الراحل "أرنولد" وأسماه "برنارد".
الفترة الزمنية الثانية
كانت بعد الأحداث
السابقة بخمس سنوات، وتحكي قصة "ويليام" وصديقه "لوجان"،
واللذان كانا في مهمة رسمية من أجل الاستثمار في المنتزه.
يقابل "ويليام"
"دولوريس"، فيقع في حبها عندما يشعر أنها كالبشر تملك شيء كثير من
الوعي..
يخوض "ويليام"
و"دولوريس" مغامرة طويلة تنتهي باختفاء "دولوريس"، فيقضي
"ويليام" وقتا طويلا في المنتزه باحثا عنها.. وفي النهاية يعود إلى مكان
لقاءهما الأول، فيجدها وقد تم محو ذاكرتها فنسيته تماما، وتقوم بدور جديد في القصة
المكتوبة لها.. أخيرا يفهم "ويليام" أن "دولوريس" روبوت وليست
بشرا.
يتحول "ويليام" إلى شخص آخر، شخص
عنيف يقضي جُلّ عمره في المُنتزه باحثا عن اللغز الذي يختبئ في أركانه.
يتحول "ويليام" إلى الرجل ذو
الرداء الأسود.
الفترة الزمنية الثالثة
تحكي رحلة
"ويليام" الباحث عن السر الذي خبّأه "أرنولد"، وتحكي أيضا قصة
"دولوريس" التي بدأت من جديد تشعر بالوعي، ومن حين لآخر تسمع صوت
"أرنولد" في عقلها عندما كان يعلّمها كيف تصل للوعي.
هذه الفترة أيضا تحكي قصة "فورد"،
هذا الرجل الذي يخطط لكل الأحداث، والذي صنع شيئا ما في برمجة الروبوتات عمل مفعول
الطفرة في وعيهم.. "فورد" الذي يظن نفسه إلهًا.
الشك
طَرْح قصة "WESTWORLD" لم
يكن بالترتيب الزمني السابق، بل تم عرض الأحداث بشكل يجعل المشاهد في حيرة دائمة..
حيرة تجعله يشعر أن الهدف الرئيسي من القصة هو طرح النظريات والتحليلات، وليس
القصة نفسها وحبكتها.
فطوال أحداث المسلسل لا يستطيع المشاهد
التفريق بين المستضيف "Host" والضيف "Guest".
فأي إنسان من الممكن أن يكون روبوت، وأي
روبوت من الممكن أن يكون إنسانا عاش في ماضي القصة.
يناقش مسلسل "WESTWORLD" قضايا كثيرة مثل الوعي، والهدف
من الحياة، ومدى تطور الذكاء الاصطناعي، والعلاقة بينه وبين الإنسان، ومدى خطورته.
ربما يكون ذلك مقصودا لإيصال فكرة الشك في
كل شيء في تفاصيل القصة..
بل يمتد ذلك الشك حتى يصل إلى واقع وحياة
المُشاهد نفسه.
رابط الصفحة الخاصة بمسلسل westworld على IMDB
COMMENTS