أمام مجتمع كامل مهدد بالفناء على يد " أدولف هتلر "، لم يكن هناك اختيارات متاحة غير القتال.. ففي أحد أعظم معارك التاريخ الحديث فقد السوفييت أكثر من نصف مليون جندي، في مقابل مائتي ألف جندي من نخبة مقاتلي الألمان على أقل تقدير.
الدم يقابله الدم.. الموت يقابله الموت | كيف كانت ستالينجراد نقطة تحول في مسار الحرب العالمية الثانية ؟
لماذا نحارب ؟
ثأرا للقرى والمدن المحروقة..
ثأرا لموت أطفالنا وأمهاتنا..
ثأرا لتعذيب شعبنا وإهانته..
نقسم أن نثأر من العدو..
ونقسم أننا نُفضِّل الموت في المعركة على أن
نستسلم أو نفرط بشعبنا، أو بلادنا إلى الغزاة الفاشيين..
الدم يقابله الدم.. الموت يقابله الموت.
في سلسلة الأفلام الدعائية الأمريكية "
لماذا نحارب " والتي أذاعتها حكومة الولايات المتحدة من أجل إقناع مواطنيها
بضرورة دخول الحرب.. وبالتحديد في الجزء المعنون " معركة روسيا "، ظهر
مجموعة من الرجال والنساء يرتدون الزي العسكري وينظرون بصرامة إلى الكاميرا، ثم
ينطقون بلهجة قوية مخيفة، وباللغة الروسية، تلك الكلمات..
الفيلم الدعائي ( لماذا نحارب - معركة روسيا )
هذه الكلمات الحماسية كانت – وستظل - عنوانا
لصمود الروس وجيشهم العاتي في معركة ستالينجراد التاريخية.. إبان الحرب العالمية
الثانية.
هذا الصمود كان مفتاح تحوّل مسار الحرب
بالكامل، فهو الذي أطفأ شعلة انتصارات آلة الحرب الألمانية للمرة الأولى منذ قيام
الحرب، وفتح الطريق للجيش الأحمر الرهيب كي ينتهي به المطاف محتلّا برلين عاصمة
الألمان.
رفع العلم السوفييتي فوق حطام برلين |
الصمود
الحديث عن معركة ستالينجراد التاريخية، سيكون شاقا.. حديث يحتاج إلى موهبة ليو تولوستوي بنفسه لكي يصفها بقلمه كما فعل يوما في رائعته التاريخية " الحرب والسلم "
فمهما بلغ وصفنا لبطولات الروس وصمودهم أثناء
الحصار والمعركة اللذان استمرا لعامين كاملين، لن يكفينا مقال واحد.
جانب من مواجهات ستالينجراد |
مواجهات رهيبة نشبت بين الجيش الأحمر
والفيرماخت ( الجيش الألماني )، الذي وجد نفسه مضطرا لخوض حرب مدن بالمخالفة
لتكتيكاته السابقة طوال الحرب المعتمدة على الهجمات الخاطفة.
واجه سكان ستالينجراد أمورا لا يمكن تصورها
علاوة على القنابل والبرد والجوع.. فقد اضُطروا لتناول الحساء المصنوع من الفئران
وأحيانا جثث البشر.
كبرياء وعناد هائل تحلى بهما سكان المدينة
الصامدة حينما رفضوا التخلي عن مدينتهم بعدما أتيحت لهم الفرصة.. فسطروا واحدة من
أعظم قصص الصمود في القرن العشرين.
صمود خلّده الموسيقار ديمتري شوستاكوفيتش في
سيمفونيته السابعة، والتي ظلت تُعزف طوال فترة الحصار، حتى مات أغلب أعضاء
الأوركسترا من الجوع.
وأمام مجتمع كامل مهدد بالفناء على يد "
أدولف هتلر "، لم يكن هناك اختيارات متاحة غير القتال.. ففي أحد أعظم معارك التاريخ الحديث فقد
السوفييت أكثر من نصف مليون جندي، في مقابل مائتي ألف جندي من نخبة مقاتلي الألمان
على أقل تقدير.
أما الضحايا من المدنيين فعددهم غير معروف.
لا خطوة إلى الوراء
كان الألمان قادرون على تسوية المدينة بالأرض، لكنهم لم يستطيعوا احتلالها..
حيث صدرت أوامر صارمة من " جوزيف ستالين
" بتبني سياسة لا خطوة إلى الوراء، فتم التعامل مع أي جندي يستسلم أو يبدي بوادر
الانسحاب كالخائن تماما، وكانت تُسجن أسرته وينكّل بها.
الزعيم السوفييتي جوزيف ستالين |
النتيجة.. تم قتل حوالي ثلاثة عشر ألف جندي
سوفيتي على يد زملائهم في معركة ستالينجراد وحدها، أما على مدار الحرب فالعدد يزيد
إلى عشرة أضعاف، كما عوقب أربعمائة ألف جندي بالاعتقال مع أكثر من أربع ملايين
سجين آخرين.
وبرغم كل شيء حارب الجنود السوفييت وظهورهم
موجهة إلى نهر الفولجا.
من شارع إلى شارع، ومن بيت إلى بيت، في شتائي
1941 و1942 شديدي البردوة والقسوة..
ثم جاءت النهاية مع بدايات 1943، حيث استسلم
الجنرال فان باولوس مع المتبقي من الجيش السادس – خيرة جنود الألمان.
الجنرال فان باولوس |
حيث كان قد بدأ المعركة بثلاثمائة ألف جندي، واستسلم معه واحد وتسعون ألفا، عاد منهم إلى الديار بعد الحرب تسعة آلاف فقط.
الطريق إلى برلين
لم تقف الحرب هنا..
بل استمر السوفييت في الزحف حتى كورسك في
جنوب غرب موسكو، فخاضوا أعظم معارك الدبابات في التاريخ مع القوات الألمانية..
المعركة الحاسمة التي لم يُشنّ بعدها أي هجوم ألماني على الجبهة الشرقية.
لقد فتحت معركة ستالينجراد الطريق لهزائم
الألمان، فتحررت أراضي الاتحاد السوفييتي بالكامل، ومن ثمّ أصبح الطريق ممهدا حتى
برلين.
فتحت
الطريق لنهاية الحرب العالمية الثانية، التي راح ضحيتها ما يقرب من الثمانين مليون إنسان
في بعض التقديرات.
هذه الحرب التي دارت رحاها في أوروبا وآسيا
وإفريقيا وأمريكا الشمالية وجزر المحيط الهادي والأطلنطي.
استعراض للفيرماخت |
لقد كان لأهالي ستالينجراد الفضل في ظهور
الاتحاد السوفيتي كقوة عظمى في العالم تقارع الولايات المتحدة.
وبنهاية الحرب بدأت حرب من نوع آخر سنتحدث عنها لاحقا:
حرب باردة
COMMENTS