القرب بين الأشخاص عامل زي صعود الجبل، بيتقابلوا فوق قمته، وبمجرد وصولهم بيبتدوا محاولات التمسك، بعدين بيتقاتلوا للبقاء عليه، وبيحاربوا الدنيا كلها لمجرد الحفاظ على الانتصار المزيف اللي حققوه.
فيزياء البعد وميكانيكا القرب | (أنا والنجوم والبانك أتاك) خواطر يكتبها حمدي خطاب
" هحافظ ع العداوة وهاحرق الكباري "
جملة من أغنية
سمعتها بالصدفة، أعتقد أنها لرابر مصري معروف يسمى " أبيوسف".
أبيوسف حاله كحال
أي رابر.. بيصيغ الكلمات بشكل صادم، وقاموسه الشعري بيعتمد على المعاني الجريئة الخارجة
عن المألوف والعنيفة بشكل يتماشى ويوضح أكتر اللي عايز يوصله للمتلقي.. ده بيكون
بالتوازي مع نبرة صوته الحادة.
أبيوسف هنا كان
بيقصد إنه مُرهَق من محاولات الحفاظ علي العلاقات.. أما محاولات التراضي بشكل أو بآخر بيقوم بيها الأشخاص في العلاقات لمجرد خوفهم من النهاية، وخوفهم أكتر من الوحدة..
أبيوسف وصل لنتيجة مش مريحة بالمرة هي إن مفيش فايدة من كل ده، وإنه بإيده هيحط حد للعلاقات دي وينهيها..
مش بس كدا، ده كمان هيحافظ أكتر على المسافات بينه وبين الناس حتي ولو كانت المسافة على حد تشبيهه " عداوة ".
أبيوسف وصل لنتيجة مش مريحة بالمرة هي إن مفيش فايدة من كل ده، وإنه بإيده هيحط حد للعلاقات دي وينهيها..
مش بس كدا، ده كمان هيحافظ أكتر على المسافات بينه وبين الناس حتي ولو كانت المسافة على حد تشبيهه " عداوة ".
" أنت لازم تكون زي الجزيرة دي، أقرب حد ليك يكون على البر التاني "
قالها " علي
الحفني - محمود ياسين " لابنه " منصور الحفني - أحمد السقا " في فيلم
الجزيرة وهو بيعلمه إزاي يكون مختلف.. إزاي يكون منصور مميز بالشكل اللي يخليه كبير
في مجتمع لا يحتكم إلا للقوة والسلاح.
مجتمع صعيدي..
مش سهل في تقاليده إنه يطلق لقب بالحجم ده على أي حد مهما كان..
وعشان شخص من
وسط الحياة دي يتسمى كبير.. مفيش عنده حاجة يقدمها غير أفعاله اللي بتدل علي القوة
والبطش.
كمان حكمته اللي من
خلالها ممكن يفقد أو يتخلى عن أشياء ورغبات وأشخاص أكتر حاجة كان بيتمناها إنهم يبقوا
موجودين في حياته للأبد.
الكبير..
الفتوة..
شيخ القبيلة..
كل المسميات دي
مترادفات لمفهوم واحد، بيقوم على عدة عوامل:
أهمها التفرد والبعد عن الناس، والتخلي عن غريزة الحب مقابل غريزة البقاء، وشهوة القرب والود مقابل
السُلطة والجاه.
الجوكر المجروح
محدش ناسي الجوكر، نسخة العظيم " هيث ليدجر Heath Ledger " وهو في كل مرة بيشرح الظروف اللي أدت لوجود ندبات أو آثار جروح في وشه..
دايما كان بيربط
ده بعلاقة ما..
مرّة كانت علاقته
بأبوه السكير، والتانية كانت علاقته بزوجته الحبيبة..
وفي كل مرة كان
بيحاول يوصف نتيجة علاقته بالناس على شكل جرح عميق..
الجرح دة كان سبب
كافي - بالنسبة له - إنه يكسر ويقتل البني آدم اللي جواه..
الجوكر كان بيستغل
أي فرصه مواتية أو مناسبة عشان يتكلم عن جرحه ده، بشكل ساخر أقرب لما يُسمى بالكوميديا
السوداء، وده كان إثبات لأد إيه الجرح أو الندوب دي كانوا نتيجة ظاهرة وواضحة للجرح
النفسي والمرض الناتج عن علاقة ما أو حب أو قرب اتقهر بسببه الجوكر.
القرب دايما بينتج
عنه هزيمة.. كسر.. وجع..
القرب بين الأشخاص
عامل زي صعود الجبل، بيتقابلوا فوق قمته، وبمجرد وصولهم بيبتدوا محاولات التمسك،
بعدين بيتقاتلوا للبقاء عليه، وبيحاربوا الدنيا كلها لمجرد الحفاظ على الانتصار المزيف
اللي حققوه.
وكإن من المنطقي
والبديهي إن الإنسان اتخلق وحيد، لا يجوز له إنه يتقرّب أو يتودّد لأي شيء.
وفي رحلة الحفاظ
دي بيفقد الطرفين المتعة والسعادة، ومع الوقت الاتنين بيتهزموا بالتدريج، وبتقل عزيمتهم
وبتتفك إيديهم القابضة على حبال الود واحدة واحدة، وفجأة بيبتدي السقوط..
وعلى قد التعب
اللي تعبوه في رحلة الصعود علي قد سرعة الانهيار.
هل هناك ما يستحق
؟
أم أن كل هذا العبث،
لا يستحق كل هذا العناء ؟
" الناس بتهوى الغريب بالقرب منه تِملّ ،، إن قلّت المسافات كل الحاجات
بتِقلّ "
هذه الخواطر رأي يعبر عن كاتبه.
(ربما لا نشاركه وجهة النظر ذاتها، لكننا مُحمَّلين بأعباء كأعبائه)
COMMENTS